عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي سنتشرف بتسجيلك شكرا ادارة المنتدي
منتديات السهام الاسلاميه
منتديات السهام الاسلاميه
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي سنتشرف بتسجيلك شكرا ادارة المنتدي
منتديات السهام الاسلاميه
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
إن الحمد لله، نحمدُه ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شُرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يَهدِ الله فلا مُضِل له، ومَن يُضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)). ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا الله الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ الله كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)). ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)). * أما بعد: فإن أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وأحسنَ الهَديِ هَديُ محمدِ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور مُحدثاتُها، وكل مُحدَثة بِدعةٌ، وكل بِدعة ضلالةٌ، وكل ضلالةٍ في النار. لما أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم كتائبه مشرقة ومغربة، تنشر لا إله إلا الله في أرجاء المعمورة، كان من ضمن مَن أرسله الرسول صلى الله عليه وسلم الفارس المِغوار، والقائد الخطير سيف الله المسلول، أبو سليمان خالد بن الوليد رضي الله عنه أرسله الرسول صلى الله عليه وسلم إلى جبلي أجا و سلمى ، حيث قبائل طيء فلما سمعت هذه القبائل بمَقدَم خالد بن الوليد ، ارتعدت وفرت لا تلوي على شيء، ثم ذهبت إلى الشام ودخلت في النصرانية . وكان ممن فرّ إلى هناك عدي بن حاتم الطائي ، ابن كريم العرب، فر تاركاً أُخته صفانة في بيته، فنزل خالد بن الوليد، وتمركَز بجيشه هناك، ولم يجد أي مقاومة، فساقَ الغنائم والأسرى والسبايا، وقفل راجعاً إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، عاصمة الإسلام. وكان من بين الأسرى، صفانة بنت حاتم الطائي ، الكريم المشهور، فأنزلهم خالد بن الوليد حول المسجد، وقامت صفانة إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه، وقالت: اشفع لي إلى ابن عمك، فقال علي رضي الله عنه:إنا لا نشقع عنده، ولكن إذا خرج للصلاة، فسوف ينظر إليكم، فتشفعي عنده، واذكُري أباك، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكرم الناس، وأبر الناس، وأحلَم الناس. فخرج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المسجد لصلاة العصر، وفى طريقه إلى المسجد، عُرِض له الأسرى، فقامت صفانة وقالت: يا رسول الله، إن أبي كان يحمل الكَل، وُيكرِم الضيف، ويُعين على نوائب الدهر، أنا بنت حاتم الطائي كريم العرب، فاعفُ عني، عفا الله عنك. فالتفت صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه، وقال: (خلّوا عنها، فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق، ثم قال:يا هنتاه، لو كان أباكِ مات مسلماً، لترحمنا عليه)، ثم أكرمها صلى الله عليه وسلم، وأعادَها صَينةَ كريمة إلى ديار أهلها، وهناك لقيت أخاها عدياً ، فقالت: يا قطوع، يا عقوق، تركتني وفررت، جئتك من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حقاً، من عند أبرّ الناس، وأرحم الناس (1) . فتهيأ عدي رضي الله عنه فلبس لباسه، وركب صليباً من ذهب على صدره، وقصد المدينة ، فتسامَع الناس بقدوم ابن حاتم الطائي كريم العرب، فخرجوا في استقباله. قال عدي : فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي عنقي صليب من ذهب، فقال: (يا عدي ، اطرح عنك هذا الوَثَن). وسمعته يقرأ: ((اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ الله)) ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم، ولكنهم كانوا إذا أحلوا له شيئاً استحلوه، وإذا حرموا عليه شيئاً حرموه) (1) . فبين له النبي صلى الله عليه وسلم أن طاعة أيّ مخلوق في تحليل ما حرم الله، أو تحريم ما أحلّ الله، هي عبادة لذلك المخلوق، فليس هناك عظيم إلا الله، وليس هناك مَن يستحق العبادة سوى الله، فلا يُعبَد إلا الله، ولا يُتَوكَّل إلا على الله، ولا يُحلَف إلا بالله. فمَن توكل على الله كفاه، ومَن توكل على غير الله خذله وأرداه، ومَن عظم الله حفظه الله، ومَن امتَهَن أسماء الله امتَهَنَه الله، وحقره، وأذله، وخذله. وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنه ذكر رجلاً من بني إسرائيل، سأل بعض بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار، فقال: ائتني بالشهود، فقال:كفى بالله شهيداً. قال: فأْتني بالكفيل. قال: كفى بالله كفيلاً. قال: صدقت، فدفعها إليه إلى أجَلٍ مسمى، فخرج في البحر، فقضى حاجته، ثم التمس مركباً يركبها، يَقدُم عليه للأجل الذي أجله، فلم يجد مركباً، فأخذ خشبة فنقرها، فأدخل فيها ألف دينار، وصحيفة منه إلى صاحبه، ثم زجج (1) موضعها، ثم أتى بها إلى البحر، فقال: اللهم إنك تعلم أني كنت تسلفت فلاناً ألف دينار، فسألني كفيلاً، فقلت: كفى بالله كفيلاً، فرَضِيَ بك. وسألني شهيداً، فقلت: كفى بالله شهيداً، فرَضِيَ بك، وإني جَهَدتُ أن أجد مركباً أبعث به الذي له، فلم أقدر، وإني أستودعُكها، فرمى بها في البحر، حتى ولجت فيه، ثم انصرف وهو في ذلك يلتمس مركباً يخرج إلى بلده. فخرج الرجل الذي كان أسلَفَه ينظر، لعل مركباً قد جاء بماله، فإذا بالخشبة التي فيها المال، فأخذها لأهله حطباً، فلما نشرها وجد المال والصحيفة، ثم قَدِمَ الذي كان أسلَفَه، فأتى بالألف دينار، فقال: والله ما زلت جاهِداً في طلب مركب، لآتيك بمالك، فما وجدت مركباً قبل الذي جئت فيه. قال: فإن الله قد أدى عنك الذي بَعَثتَ في الخشبة، فانصرِف بالألف الدينار راشداً) (1) . * عِباد الله: إن كثيراً من الناس بجهلهم، يعظمون غير الله، فلا يصدًقون الحالِف، ولا يأتمنون يمينه، حتى يحلف بالطلاق، أو بالحرام. وهؤلاء جهلوا عَظَمَة الله، ولم يقدروه حق قدره، وفي الطبراني بسند صحيح عن سلمان الفارسي ، داعِية الإسلام إلى أهل فارس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة، ولا يُزَكيهم، ولهم عذاب أليم: أُشَيمِطٌ زان، وعائلٌ مُستَكبِر، ورجل جعل الله بضاعته، لا يشتري إلا بيمينه، ولا يبيع إلا بيمينه) (1) . أما قوله صلى الله عليه وسلم: (أُشَيمِط زانِ) فهو الشيخ الكبير، الذي اشتعل رأسه شيباً، واحدودب ظهره، ومع ذلك يقع في الكبائر، ويزني وهو في هذه السن، بعد أن وعظه الله بالشيب، كما قال ابن عباس رضي الله عنه لما قرأ قوله تبارك وتعالى: ((أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ)) قال: [النذير والله الشيب. وكفى بالشيب نذيراً]. ومر عمر رضي الله عنه برجل، وهو يترنم بقصيدة، يقول فيها:
كفى المرء بالإسلام والشيب ناهياً
فدمعت عيناه وقال: [إي والله:كفى المرء بالإسلام والشيب ناهياً] وأُثِرَ عن إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام، أن الشيب لمّا ظهر في لحيته، نظر إلى المرآة، فقال:يا رب، ما هذا الشيء الأبيض الذي في لحيتي؛قال: يا إبراهيم ، هذا وقار. قال إبراهيم : اللهم زِدني وقاراً. فمَن وقره الله عز وجل بالشيب، ثم يقع في الفواحش، ويفعل فِعل المُراهقين الذين لم يتمكن الإسلام في قلوبهم، لا ينظر الله إليه يوم القيامة، ولا يُزَكيه، وله عذاب أليم؛ لأنه شيخٌ قد دَنَا من حفرته، فكان الأجدر به أن يحفر قبره، ويستعد للموت، كما قال سفيان الثوري رضي الله عنه: يا من بلغ الستين سنة، خذ لك كفناً على أكتافك، واحفر قبرك، فإنك بلغت من الموت قاب قوسين أو أدنى. وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (وعائل مستكبر)، فقير معدم، ومع ذلك يتكبر على عباد الله، كما قيل: (حشفاً وسوء كيل) ليس عنده ما يدعوه إلى التكبر، أو يجذبه إلى الزهو والغرور والعجب، ثم هو ينفخ صدره، ويمشي في الأرض مرحاً. فهذا ممقوت، منبوذ، ليس له قيمة عند الله عز وجل، لأن الله عز وجل إذا أراد أن يصحح نية العبد جعله من المتواضعين، كما قال سبحانه. ((وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا)) وُيروَى أن الله تعالى أوحى إلى موسى عليه السلام: يا موسى ، أتدري لماذا اصطفيتك على الناس، واخترتك على بني إسرائيل؛ قال: لا يا ربي، قال: نظرت في قلوب بني إسرائيل، فوجدت قلبك يحبني أكثر من كل قلب، ورأيتك ما جلست مع أحد، إلا شعرت في نفسك أنك أوضَع منه وأقل منه. ومِصداق ذلك في صحيح مسلم عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله) (1) . وذلك لأن العظمة لله عز وجل، فلا ينبغي لأحد أن ينازع الله في ذلك، ولذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم، عن الحَلف بغير الله عز وجل، لأن الحلف بغير الله تعظيم للمحلوف به، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (مَن حلف بغير الله فقد كفر أو أشرَك) (1) . وصح عنه صلى الله عليه وسلم، كما عند الإمام أحمد من حديث ابن عباس رضي الله عنه: (أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ما شاء الله وشِئت، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أجعلتني لله عَدلاً، بل ما شاء الله وحده) (1) . وصحّ عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: [لأن أحلف بالله كاذباً، أحب إليَّ من أن أحلف بغيره وأنا صادق] (1) . وصح عنه صلى الله عليه وسلم، أن أعرابياً قال: (يا رسول الله! جهدت الأنفس، وضاعت العِيال، ونهكت الأموال، وهلكت الأنعام، فاستسقي الله لنا، فإنّا نستشفع بك على الله، ونستشفع بالله عليك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ويحك!! أتدري ما تقول؛ وسبح رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما زال يُسَبح حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه، ثم قال: ويحك!! إنه لا يُستَشفَع بالله على أحد من خَلقِه، شأن الله أعظم من ذلك) (1) . ولذلك فإن هناك واجبات تجاه الأيمان، ينبغي أن نلتزم بها:أولها: ألا نحلف إلا إذا اضطررنا إلى اليمين. قال الشافعي رحمه الله كما ذكر عنه الذهبي : ما حلفت بالله صادقاً ولا كاذباً في حياتي؛ توقيراً لله تبارك وتعالى، وتعظيماً له. وقال مطرف بن عبد الله بن الشخير : عظموا الله تعالى: لا يقول أحدكم لمولاه: أخزاك الله، أو قبحك الله. وذكر ابن تيمية رحمه الله، أن محمد بن جعفر الصادق ، كان إذا قال الرجل: لا والله، احمر وجهه إجلالاً لله تعالى. ثانياً: ألا نحلف إذا اضطررنا إلا بالله تعالى، فالذي لا يستكفي بالله عزّ وجل، فلا كَفَاه الله. والذي لا تشفيه اليمين بالله تبارك وتعالى، بأسمائه وصفاته، فلا شفاه الله، لأنه قد عظم غير الله تعالى، وجعل غيره ندا له سبحانه. ويدخل في ذلك أيضاً الحلف بالطلاق أو بالحرام، فإن هذا أيضاً تعظيم لغير الله، لأن لفظ الطلاق في الإسلام إنما وُضِعَ لمُفارَقَة الزوجة، لا لليمين. ومع ذلك فإن بعض الناس لا يستجيبون، ولا يصدقون، إلا إذا حلف الرجل بالطلاق أو بالحرام، وهذا لجهلهم، وعدم فِقههم، وعدم توقير الله عز وجل في قلوبهم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رأى عيسى بن مريم رجلاً يسرقُ، فقال له عيسى: أسَرَقتَ؛ قال: كلا والذي لا إله إلا هو!! فقال عيسى: آمنت بالله، كذبت عيني) (1) ، وذلك تعظيماً لله تبارك وتعالى، واحتراماً لليمين لأنه حلف بالله عز وجل. فعلينا ألا نُكثِر من الحَلف والأيمان وان كنا صادقين، لأن كثرة الحلف قد تؤدي إلى امتِهان اسم الله تعالى وعدم توقيره، كما يفعل بعض الناس في مجالسهم ومُنتَدَياتهم، فيحلفون بالله عشرات المرات دون أدنى سبب، إذا قام أحدهم يحلف، وإذا جلس يحلف، وإذا شرب يحلف، فهذا دليل على عدم تعظيم الله عز وجل. ثانياً: هناك بعض الناس، خاصة من أهل التجارات والبيع والشراء، لا يصرفون سِلَعهم إلا بالأيمان الكاذبة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم، في هؤلاء: (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة: المَنانُ؛ الذي لا يُعطي شيئاً إلا مَنهُ، والمُنَفقُ سلعته بالحلف الفاجر، والمُسبلُ إزاره) (1) . وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً: (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم، وذكر منهم صلى الله عليه وسلم: ورجلٌ بايع رجلاً بسلعة بعد العصر، فحلف له بالله، لأخذها بكذا وكذا، فصدقه، وهو على غير ذلك) (1) . وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الحَلِفُ منفقةٌ للسّلعة، مَمحَقَةْ للبَرَكَة) (1) . فلا يبارك الله في مال الفاجر، ولا في سلعته، ولا في تجارته. رابعاً: ينبغي على المسلم إذا حلف على يمين، ثم رأى غيرها خيراً منها، أن يكفر عن يمينه، ويفعل الذي هو خير، ففي الصحيحين ، عن عبد الرحمن بن سمرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يا عبد الرحمن ، لا تسأل الإمارة، فإنك إن أعطيتها عن مسألة، وكلت اليها، وإن أعطيتها عن غير مسألة، أعنت عليها، وإذا حلفت على يمين، فرأيت غيرها خيراً منها، فكفر عن يمينك، وأئت الذي هو خير) (1) . فبعض الناس يحلف ألا يفعل الخير، يحلف ألا يزور أقاربه، ولا يصل أرحامه، ولا يبر أباه، ولا يتصدق، ثم يندم على ذلك، ولكن يمنعه يمينة من فِعل الخير، فالواجب على هذا أن يفعل الخير من صِلَة الرحم، وبر الوالدين، والصدقة، وأن يكفر عن يمينه، وأن يتقي الله عز وجل، لأن الله تبارك وتعالى يقول: ((وَلا تَجْعَلُوا الله عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ))، فاتقوا الله عباد الله واحفظوا أيمانكم، وراقِبوا ربكم تبارك وتعالى. أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية الحمد لله ربّ العالمين، وليُّ الصالحين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين، وأشرف الخلق أجمعين، نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين. * أما بعد.. عِباد الله: إن بعض الناس ابتدعوا ألفاظاً وأيماناً ما أنزل الله بها من سلطان، تعظيماً لأنفسهم، كقول بعضهم: وحياتي، وشرفي، وكرامتي، ونجاحي. ولو كان عنده شرف وكرامة، ما عالم إلا الله، وما كرم إلا الله، وما حلف إلا بالله ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)). ذكر الذهبي و ابن كثير أن الحسن بن هانئ الشاعر، وفَدَ على ملك من ملوك الدنيا فمدحه قائلاً:
ما شئتَ لا ما شاءت الأقدارُ فاحكم فأنت الواحدُ القهارُ
يخاطب بهذا الكلام بشراً، لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً، ولا يملك موتاً ولا حياة ولا نشوراً. فابتلاه الله عز وجل بمرض عُضال، أسهَرَه الليل، وحرمه الطعام والشراب، وتتابع عليه الأطباء والحُكَماء، فما نفعه ذلك، لأن الله عز وجل أراد أن يُرِيه مَن هو الواحد القهار!!. فأخذ يتقلّب على فراشه، يبكي ويقول:
أبعَينِ مفتقر إليك نَظَرتَ لي فأهنتَني وقذفتني من حالقي
لَستَ الملوم أنا المَلومُ لأنني عَلقت آمالي بغير الخالق
فمَن علق آماله بغير الله خذله الله، ومقته الله، وأذله الله. وهناك بعض الناس غلوا في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، حتى أوصلهم ذلك إلى الشرك بالله عز وجل، والتلفظ بألفاظ كُفرية، سوف يحاسبهم الله عز وجل عنها يوم القيامة، كقول البرعي يخاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلاً:
يا رسولَ الله يا مَن ذِكره في نهارِ الحشرِ رمزاً ومقاماً
فأقِلني عَثرتي يا سيدي في اكتسابِ الذنب في خمسين عامَاً
والرسول صلى الله عليه وسلم لا يرضى أن يُخاطَب بهذا الكلام؛ لأنه صلى الله عليه وسلم بشر، ولا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، فكيف يملك لغيره مغفرة الذنوب، وإقالة العَثَرَات، وهو الذي أمره ربه أن يقول: ((قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ الله)). وأمره أن يقول: ((قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ الله)). وقال صلى الله عليه وسلم مُحَذراً من الغلو فيه: (لا تطروني، كما أطرَت النصارى ابن مريم ، فإنما أنا عبده، فقولوا: عبد الله ورسوله) (1) . * عِباد الله: بيَّن الله عز وجل كفارة اليمين في كتابه حيث قال: ((لا يُؤَاخِذُكُمُ الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ)). قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: [يطعمهم وجبتين: غذاء وعشاء]. والجمهور على أنه يطعمهم وجبة واحدة، لكل مسكين نصف صاع من طعام، ليبرّئ ذمته، ويرفع الإثم عنه، فإن شاء أن يكسوهم، فهو بالخيار، فيكسو كل مسكين، ما تجوز الصلاة فيه، وله أن يعتق رقبة إن أراد. فإن عجز عن هذه الثلاث، فعليه بصيام ثلاثة أيام، يصومها مُتتابعات، وله أن ينذرها في أي وقت شاء، والتعجيل بها أفضل، وقد مدح الله عز وجل الذين يوفون بالنذر فقال: ((يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا)). فاتقوا الله عباد الله، وعظموا الله في نفوسكم، واحفظوا أيمانكم، تقبل الله مني ومنكم صالح العمل، وجنبني وإياكم المعصية والزلل. وصلوا وسلموا رحمكم الله على من أمركم الله تعالى بالصلاة والسلام عليه حيث قال: ((إِنَّ الله وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)). وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.