عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي سنتشرف بتسجيلك شكرا ادارة المنتدي
منتديات السهام الاسلاميه
منتديات السهام الاسلاميه
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي سنتشرف بتسجيلك شكرا ادارة المنتدي
منتديات السهام الاسلاميه
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، فإن تقوى الله تجلب الرزق والفرج ومحبة الله تعالى ومعيته وجنته، وتقوى الله تيسّر الأمور وتكفر السيئات وتعظم الأجور وتورث الأمان يوم النشور.
أيها المسلمون، إن من المستقر في العقول السليمة أنه لا بد لهذا العالم من صانع دلت آيات إحكامه لصنعته، وما غمر العالم به من شآبيب رحمته، وما أظهر فيه من عجائب قدرته، وأن وراء الخلق غاية، وأن لهذا العالم نهاية، وأن الموت قد آذن برحيل الدنيا، وأثبت أن الآخرة هي دار القرار، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، يقول الحق تبارك وتعالى: ( وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا ،،وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا ) [الكهف:47، 48].
فقف أيها المسلم، أيها العاقل، قف وتأمل حالك وأنت معروض على الحق جل وعلا، موقوف بين يديه، لا تخفى منك خافية، إنه والله لأشد مواقف القيامة هولاً، وأعظمها فزعًا، تهون عنده زلزلةُ الأرض وتشقُّقُ السماءِ وتدَكدُكُ الجبال وانكدار النجوم، إنه لمشهد رهيب وموقف عصيب، حضور المرء بين يدي الجبار سبحانه للحساب، يسأله عن عمره وشبابه وماله، هان عندها سؤال الملكين وضغطة القبر وطول الموقف يوم الحساب.
عباد الله، تبدأ أهوال يوم القيامة مع النفخ في الصور وتَبَعْثُر القبور وقيام الناس لرب العالمين، ويعقب ذلك من طول القيام ودنو الشمس من الرؤوس، ثم يلي ذلك شفاعة الحبيب (عليه الصلاة والسلام) في القضاء بين العباد، ويتحقق قوله تعالى: (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ ) [الصافات:24]، (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ،،عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) [الحجر:92، 93]، (وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ) [الفجر:22]، (لا يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا ) [النبأ:38]، (وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ،،يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ ) [الحاقة:17، 18].
أيها المسلمون، هذه الآية تصوّر لنا صورة مفزعة لكل منا وهو معروض بين يدي الخالق أمام أعين الخلائق، معروض أمامهم، مكشوف لهم، عار الجسد، مَبْلِيّ السريرة، مفضوح الضمير، قد تساقطت عنه الحجب والأستار، وظهر للخليقة كلهم ما كان يخفيه من خبايا وأسرار، برز منه كل غائب، واستنطق الشهود فكل عضو منه مستنطق وعائب. يا لها من فضيحة! كم حاول المسكين أن يسترها حتى عن نفسه، فكم خادعها، وكم منّاها، وكم سَوّل لها وأعطاها، كم غفل عنها فما زكّاها، وكم أملى لها فدسّاها، نسي أو تناسى أنه على رجعه لقادر، فها هو اليوم أمام الجبار مُكَبّلاً بذنوبه، قد افتضح منه ما كان يستره، واحتاج في وقفته تلك لعمل قد كان يحقره، وما أقساها، ما أقساها من فضيحة أمام أعين الملأ، وما أخزاها أمام أعين الحسّاد والشامتين وعلى مرأى الأعداء والناقمين.
إنه لموقف عصيب أن يقف الإنسان ذلك المخلوق الضعيف عاريًا جسده، عاريًا شعوره، عاريًا تأريخه، مكشوفًا عمله، ظهر منه ما استتر، ولم يبق منه شيء إلا ظهر، أمام الحشود الهائلة من خلق الله جنِّهم وإنسهم، بل أمام الملائكة المقربين، بل وأجلّ من ذلك وأعظم مفتَضَح أمام رب العالمين.
كيف تراك ـ يا أخي الحبيب ـ وأنت في ذلك الموقف بلا ساتر يسترك، وبلا ناصر ينصرك، (يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ ،،فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا نَاصِرٍ ) [الطارق:9، 10].
فيا ترى، من أي الفريقين أنت: فريق الجنة أم فريق السعير؟! وفي أي الجانبين أنت: جانب الأبرار أم جانب الفجار؟! فاليوم يسعد المؤمن ويشقى الكافر. ما هو الشعور إذا جثت الأمم ونطقت الكتب؟! (هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) [الجاثية:29].
إخوة الدين والعقيدة، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي(عليه الصلاة والسلام) قال: ((نحن آخر الأمم وأول من يحاسب، يقال: أين الأمة الأمية ونبيها؟ فنحن الآخرون الأولون)) أخرجه ابن ماجه وصححه الألباني، وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة وحذيفة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله (عليه الصلاة والسلام) : ((نحن الآخرون من أهل الدنيا والأولون يوم القيامة، يقضى لهم قبل الخلائق)).
وهذه صورة من صور الحساب يوم القيامة بين يدي رب العالمين، فعن أبي هريرة(رضي الله عنه) قال: سمعت رسول الله (عليه الصلاة والسلام) يقول: ((إن أول الناس يُقضى يوم القيامة عليه رجل استُشهِد فأُتِي به، فعرّفه نعمه فعرفها، قال: ما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استُشهِدت، قال: كذبت، ولكنك قاتلت لأن يقال: فلان جريء، فقد قيل، ثم أُمِر به فسُحِب على وجهه حتى ألقي في النار.
ورجل تعلّم العلم وعلّمَه وقرأ القرآن، فأُتِي به فعرّفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلّمت العلم وعلّمته، وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت، ولكنك تعلّمت ليقال: عالم، وقرأت القرآن ليقال: هو قارئ، فقد قيل، ثم أًُمِر به فسُحِب على وجهه حتى ألقي في النار. ورجل وسّع الله عليه وأعطاه من أصناف المال، فأُتِي به فعرّفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن يُنفق فيها إلا أنفقت فيها لك، قال: كذبت، ولكنك فعلت ليقال: هو جواد، فقد قيل، ثم أُمِر به حتى سُحِب على وجهه حتى ألقي في النار)) رواه مسلم.
وصورة أخرى من صور الحساب يوم القيامة من حديث ابن مسعود (رضي الله عنه)عن النبي (عليه الصلاة والسلام) قال: ((يجيء الرجل آخذًا بيد الرجل فيقول: يا رب، هذا قتلني، فيقول: لم قتلته؟ فيقول: لتكون العزة لك، فيقول: فإنها لي. ويجيء الرجل آخذًا بيد الرجل فيقول: أي رب، إن هذا قتلني، فيقول الله: لم قتلته؟ فيقول: لتكون العزة لفلان، فيبوء بإثمه)) أخرجه الترمذي. ومن حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله(عليه الصلاة والسلام) : ((يجيء المقتول بالقاتل يوم القيامة ناصيته ورأسه بيده وأوداجه تَشْخُب دمًا، فيقول: يا رب، سل هذا: فيم قتلني؟! حتى يدنيه من العرش)) رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، وصح عنه (عليه الصلاة والسلام) قوله: ((أول ما يُقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء)) رواه البخاري. قال ابن حجر: "وفي الحديث عِظَم أمر الدم، فإن البداءة إنما تكون بالأهم، والذنب يعظم بحسب عظم المفسدة وتفويت المصلحة، وإعدام البُنية الإنسانية غاية في ذلك" اهـ.
ولا تعارض بين هذا وبين قوله (عليه الصلاة والسلام) : ((إن أول ما يُحاسب به العبد يوم القيامة صلاته)) أخرجه أصحاب السنن، فحديث البخاري في حقوق الخلق، وهذا الحديث في عبادة الخالق. يبين ذلك حديث ابن مسعود (عليه الصلاة والسلام) عند النسائي: ((أول ما يُحاسب العبد عليه صلاته، وأول ما يُقضى بين الناس في الدماء)).
أيها المسلم، ستُسأل في ذلك الموقف عن الصلاة، فإن صلحت فقد أفلحت ونجحت، وإن فسدت خِبت وخسرت، فانظر موقع الصلاة من قلبك، فهل أتممتها أم نقصتها؟! وهل لك من تطوّع؟! فإن التطوع يتمم ما نقص من فريضتك، ثم تؤخذ بقية أعمالك على ذلك. وستُسأل عن الزكاة، فإن كنت بخلت بها فاقرأ قوله تعالى: (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) [آل عمران:180]، ولا يغب عن ذهنك قوله عز وجل: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ،،يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ ) [التوبة:34، 35]، ومن حديث علي (رضي الله عنه )عند الطبراني قال: قال رسول الله (عليه الصلاة والسلام): ((إن الله فرض على أغنياء المسلمين في أموالهم بقدر الذي يسع فقراءهم، ولم يجهد الفقراء إذا جاعوا وعروا إلا بما يصنع أغنياؤهم، ألا وإن الله يحاسبهم حسابا شديدا ويعذبهم عذابًا أليمًا)).
معاشر المسلمين، إن ممن يفتضح يوم العرض الأكبر على الله آكل الربا: ( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ) [البقرة:275]، ومدمن الخمر وعاق والديه والدّيّوث والمنّان والمُسْتَرْجِلَة من النساء، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله (عليه الصلاة والسلام) : ((ثلاثة قد حرّم الله عليهم الجنة: مدمن الخمر والعاق والديّوث))، وفي حديث آخر: ((ثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه والمدمن الخمر والمنّان بما أعطى)) أخرجهما الإمام أحمد، وعند الطبراني من حديث عمار (عليه الصلاة والسلام) : ((ثلاثة لا يدخلون الجنة أبدًا: الديّوث والرَّجِلَة من النساء ومدمن الخمر)).
وممن يفتضح يوم العرض الأكبر على الله المتكبرون، قال عليه الصلاة والسلام: ((يحشر المتكبرون أمثال الذرّ يوم القيامة في صورة الرجال، يغشاهم الذلّ من كل مكان)) رواه الترمذي. ومن المتكبّرين من جَرّ إزاره، قال(عليه الصلاة والسلام) : ((ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل إزاره، والمنّان الذي لا يعطي شيئًا إلا مِنَّة، والمنفق سلعته بالحَلِف الكاذب))، يقول الحق تبارك وتعالى: (أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ ) [الزمر:60].
وممن يفتضح يوم العرض الأكبر على الله الغادرون، فـ((لكل غادر لواء عند استه يوم القيامة)) رواه مسلم من حديث أبي سعيد(رضي الله عنه ) ، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله(عليه الصلاة والسلام) : ((إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة يُرفع لكل غادر لواء، فقيل: هذه غدرة فلان بن فلان)).
وممن يفتضح يوم العرض الأكبر على الله أصحاب الغلول:( وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) [آل عمران:161]، ومعناه أن كل من غَلّ يأتي يوم القيامة حاملاً ما غَلّه على ظهره أو رقبته، معذّبًا بما حمله مما يزيد في فضيحته، ويزيد من هوانه على رؤوس الأشهاد. فليحذر الحكّام والعمّال والموظفون ومندوبو المشتريات ورؤساء المشاريع والمديرون والمنتدبون ومن ولي أمرًا من أموال العامة فهي بين أيديهم، فإن رجلاً دخل النار وقد كان يجاهد مع رسول الله (عليه الصلاة والسلام) في شَمْلة غَلّها.
وممن يفتضح يوم العرض الأكبر على الله آكل مال اليتيم ومغتصب أرض الغير، قال جل وعلا: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ) [النساء:10]، وقال (عليه الصلاة والسلام) : ((من أخذ شِبْرًا من الأرض بغير حقه خُسِف به يوم القيامة من سبع أرضين)) رواه البخاري.
وممن يفتضح يوم العرض الأكبر على الله العلماء يكتمون علمهم، ((من سُئِل علمًا فكتمه أُلْجِم يوم القيامة بلجام من نار)) رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، والحكام يحتجبون عن رعاياهم قال (عليه الصلاة والسلام): ((من ولي من أمور المسلمين شيئًا فاحتجب دون خُلّتهم وحاجتهم وفقرهم وفاقتهم احتجب الله عنه يوم القيامة دون خُلّته وحاجته وفقره وفاقته)) رواه أبو داود والحاكم بإسناد صحيح.
وممن يفتضح يوم العرض الأكبر على الله أناس يكذبون في أيمانهم وفي رؤاهم، قال عليه الصلاة والسلام: ((ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم: رجل حلف على سلعته لقد أعطي فيها أكثر مما أعطي وهو كاذب، ورجل حلف على يمين كاذبة بعد العصر ليقتطع بها مال امرئ مسلم، ورجل منع فضل ماء فيقول الله يوم القيامة: اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك)) رواه البخاري من حديث أبي هريرة (رضي الله عنه )، وفيه أيضًا من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: ((من تحلّم بحلم لم يره كُلِّف أن يعقد بين شَعِيرتين ولم يفعل، ومن استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون أو يفرّون منه صُبّ في أذنيه الآنِك يوم القيامة)).
وممن يفتضح يوم العرض الأكبر على الله السحرة والمشعوذون، فالساحر ما له في الآخرة من خلاق، والسحر أحد السبع الموبقات، والقاذفون للمحصنات الغافلات المؤمنات: (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ،،يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ،،يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ) [النور:23-25].
عباد الله، ممن يفتضح يوم العرض الأكبر على الله الذي يسأل الناس وعنده من الرزق ما يكفيه، فيسأل تكَثّرًا، قال عليه الصلاة والسلام: ((من يسأل وله ما يغنيه جاءت مسألته يوم القيامة خُدُوشًا أو خموشًا أو كدومًا في وجهه))، قيل: يا رسول الله، وما يغنيه؟ قال: ((خمسون درهمًا أو قيمتها من الذهب)) رواه أبو داود والترمذي والنسائي وصححه الألباني.
فاتقوا الله عباد الله، وتأهّبوا للعرض الأكبر على الله، (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ ) [الحاقة:18]. جعلني الله وإياكم ممن قال فيهم: (الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ) [الأنعام:82]. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولعموم المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا كما أمر، وأشكره وقد تأذّن بالزيادة لمن شكر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إرضاءً له وإرغاما لمن جحد به وكفر، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الشافع المشفع يوم المحشر، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه السادة الغرر، وسلم تسليمًا.
أما بعد: فأوصيكم بتقوى الله، فمن اتقى الله وقاه، ومن توكل عليه كفاه، ومن سأله أعطاه، ومن اكتفى به أعزه وأغناه ونصره وآواه. واعلموا أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد(عليه الصلاة والسلام) ، وشرّ الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وعليكم بجماعة المسلمين، فإن يد الله على الجماعة، ومن شذّ شذّ في النار.
ثم اعلموا أن ملك الموت قد تخطّاكم إلى غيركم، وسيتخطى غيركم إليكم، فخذوا حِذْركم، وقدّموا عذركم، وتأهّبوا للعرض الأكبر على الله، (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ ) [الحاقة:18].
أيها المسلمون
، في ذلك اليوم العصيب يأمن أناس فلا يخافون، ويهنأ أناس فلا يحزنون، منهم سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: أناس تحابوا في جلال الله، وأناس مشوا إلى الصلاة في دياجير الظلمات يبتغون فضلاً من الله ورضوانًا، وأناس كانوا إذا ذُكِر الله وَجِلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانًا، وعلى ربهم يتوكلون، ومنهم الصابرون على ما أصابهم المقيمون للصلاة ومما رزقناهم ينفقون، ومنهم من كانوا يسبحون الله بالغدو والآصال لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ [النور:37]، كانوا: (يُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ،،إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا ،،فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا ) [الإنسان:8-10].
ومن الآمنين يوم العرض الأكبر على الله أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته، يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارقَ، ورتّل كما كنت ترتّل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها.
ومن الآمنين يوم العرض الأكبر على الله أهل الصدقات وأهل الصبر والقنوت والشهداء الصابرون والصادقون والقانتون والمنفقون والمستغفرون بالأسحار،: (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) [آل عمران:169، 170].
ومن الآمنين يوم العرض الأكبر على الله العلماء، قال تعالى: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ) [المجادلة:11].
ومن الآمنين يوم العرض الأكبر على الله من أنظر معسرًا، قال جل وعلا: (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ ) [البقرة:280]، وقال (عليه الصلاة والسلام) : ((من أنظر معسرًا أو وضع عنه أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله)) رواه أحمد، وعند مسلم: ((من نفّس عن غريمه أو محا عنه كان في ظل العرش يوم القيامة)).
ومن الآمنين يوم العرض الأكبر على الله المصلحون بين الناس، قال تعالى: (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا [النساء:114]، وقال عليه الصلاة والسلام: ((ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟)) قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((إصلاح ذات البين)).
وإن من أحق الناس بالأمن يوم العرض الأكبر على الله من أكثر من الصلاة على النبي(عليه الصلاة والسلام) ، فقد قال عليه الصلاة والسلام: ((من صلّى عليّ حين يصبح عشرًا وحين يمسي عشرًا أدركته شفاعتي يوم القيامة)) رواه الطبراني، وقال عليه الصلاة والسلام: ((من صلّى عليّ صلاة صلّى الله عليه بها عشرًا))، وقال : ((من صلّى عليّ واحدة صلّى الله عليه عشر صلوات وحطّ عنه عشر خطيئات ورفع له عشر درجات)) رواه النسائي والحاكم وأحمد دون: ((رفع له عشر درجات))، وعند الترمذي من حديث ابن مسعود (رضي الله عنه )قال: قال رسول الله : ((إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة)).
هذا وقد قال الله تبارك وتعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) [الأحزاب:56].
اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذلّ الشرك والمشركين، ودمّر أعداء الدين، وانصر عبادك الموحدين، اللهم آمّنا في دورنا...
جزاكم الله خيـرالجزاء بارك الله جهودكم الرائعة واثابكم بكل حرف من موضوعكم المميز وجعله في موازين حسناتكم آنآر الله قلبوكم بالآيمآن وطآعة الرحمن خالص تحياتى ووافر تقديرى واحترامى